بعد اعتماد خطة ترامب للسلام بشأن غزة.. أخطر ماجاء في قرار مجلس الأمن

اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا مقدما من الولايات المتحدة الأمريكية يأذن بإنشاء “قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة” بتأييد 13 عضوا وامتناع روسيا والصين عن التصويت، ويرحب القرار الذي يحمل رقم 2803، بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة لإنهاء النزاع في غزة والصادرة في سبتمبر 2025.

 

جلسة مجلس الأمن

ويعتبر قرار مجلس الأمن أن استكمال إصلاح السلطة والتقدم بإعادة الإعمار قد يهيئان الظروف لتقرير المصير والدولة الفلسطينية، مؤكدا على ضرورة استئناف المساعدات لغزة بالتعاون مع مجلس السلام وضمان استخدامها لأغراض سلمية فقط.

كما يتضمن قرار مجلس الأمن أنه يمكن للدول المشاركة ومجلس السلام إنشاء كيانات تشغيلية ذات سلطات دولية لإدارة الحكم الانتقالي، موضحا أن الكيانات التشغيلية ستعمل تحت سلطة مجلس السلام وبتمويل من المساهمات الطوعية والجهات المانحة.

 

ماذا يقترح النص الأمريكي؟

يؤسس مشروع القرار قوة دولية لتحقيق الاستقرار (ISF) تعمل مع إسرائيل ومصر، لولاية أولية مدتها سنتان.

تشمل مسؤوليات القوة تأمين حدود غزة، وحماية المدنيين، وتسهيل المساعدات الإنسانية، ودعم تدريب ونشر قوة شرطة فلسطينية مُعاد تشكيلها، والإشراف على التفكيك الدائم للأسلحة التي في حوزة حماس والجماعات المسلحة الأخرى في القطاع.

ويشير النص أيضا إلى أن القوات الإسرائيلية ستنسحب بالكامل بمجرد أن تفرض القوة سيطرتها الأمنية والعملياتية على كامل المنطقة.

وسيتم تشكيل آلية حوكمة انتقالية تُسمى مجلس السلام – برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بموجب خطة السلام الأمريكية التي استند إليها وقف إطلاق النار في 8 تشرين الأول/أكتوبر – لتنسيق التخطيط الأمني والإنساني وإعادة الإعمار.

وسيوجه ذلك غزة نحو سلطة حكم فلسطينية مُصلحة. ويحدد القرار مسارا نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة دولة في نهاية المطاف، يرتبط بحوكمة خاضعة للمساءلة ومحطات إنجاز في إعادة الإعمار.

في حال اعتماده، سيوفر القرار سلطة قانونية دولية لبعثة أمنية متعددة الجنسيات، وهو ما تعتبره الدول المحتملة المساهمة بقوات والجهات المانحة ضروريا للنشر. ولا يُتوخى وجود لقوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة.

كما يختبر التصويت قدرة المجلس على الاتفاق على إطار لمرحلة ما بعد النزاع في غزة في لحظة دبلوماسية حرجة، في خضم الاحتياجات الإنسانية المستمرة والتوترات الإقليمية المتصاعدة.

وقد حذرت واشنطن، حسبما أفادت تقارير، من أن عدم تحرك المجلس الآن قد يؤدي إلى تجدد الاقتتال وانهيار وقف إطلاق النار الهش.

تعليق الصين على المشروع الأمريكي

مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة فو تسونغ قال – بعد امتناعه عن التصويت – إن القرار يحدد ترتيبات حوكمة غزة بعد الحرب، “لكن يبدو أن فلسطين غائبة عنه تماما، وأن السيادة الفلسطينية وملكية الفلسطينيين لا تنعكسان بشكل كامل”.

وأضاف: “من دواعي القلق بشكل خاص أن مشروع القرار لم يؤكد صراحة الالتزام الراسخ بحل الدولتين كإجماع دولي”.

وشدد على ضرورة احترام أي ترتيبات لما بعد الحرب إرادة الشعب الفلسطيني، وأن تفسح المجال كاملا للدور الحيوي للسلطة الوطنية الفلسطينية.

وأكد تسونغ أن الأمم المتحدة تتمتع بخبرات وقدرات واسعة في مجال التعافي وإعادة الإعمار الاقتصادي بعد الصراع، ولذلك ينبغي أن تلعب دورا حيويا في إدارة غزة بعد الحرب، “لكن مشروع القرار لم يتضمن أي ترتيب من هذا القبيل”.

وأشار إلى أنه على الرغم من طرح العديد من الأسئلة والمقترحات بشأن مشروع القرار إلا أن معظمها لم يؤخذ في الاعتبار، مضيفا: “نشعر بخيبة أمل عميقة إزاء هذا النهج”.

وقال إنه رغم كل هذا ومخاوف الصين بشأن نص القرار، وبالنظر إلى الوضع الهش والخطير في غزة، امتنعت بلاده عن التصويت. لكنه أضاف: “تظل مخاوفنا قائمة”.

 

تعليق روسيا على المشروع الأمريكي

بعد امتناعه عن التصويت، قال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن بلاده لم تستطع دعم القرار، الذي لا يؤكد على حل الدولتين، مضيفا أن هذه “ليست مسألة نظرية، بل مسألة عملية للغاية، وهو ذو أهمية خاصة بالنظر إلى أننا تلقينا تصريحات عامة لا لبس فيها من أعلى مستويات القيادة الإسرائيلية، تفيد بأنه من غير المقبول إقامة دولة فلسطينية”.

وأضاف أنه يبدو أن القرار يسمح لمجلس السلام وقوة الاستقرار الدولية بالتصرف باستقلالية مطلقة “دون أي اعتبار لموقف أو رأي” السلطة الفلسطينية، مما قد يرسخ فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.

وقال: “إنه يذكرنا بالممارسات الاستعمارية والانتداب البريطاني في عصبة الأمم على فلسطين، عندما لم يُؤخذ رأي الفلسطينيين أنفسهم في الاعتبار”.

كما أثار نيبينزيا تساؤلات حول تفويض القوة الدولية، التي لم يكن من المفترض في البداية أن تشارك في نزع سلاح غزة، مما قد يحولها “إلى طرف في النزاع يتجاوز حدود حفظ السلام”.

وقال السفير الروسي إن بلاده أحيطت علما بموقف رام الله، وكذلك موقف العديد من الدول العربية والإسلامية الأخرى، التي أيدت مشروع القرار الأمريكي، وبالتالي قررت عدم تقديم مشروع القرار الذي أعدته، وامتنعت عن التصويت على القرار الأمريكي.

وقال إن اليوم هو “يوم حزين لمجلس الأمن”، مضيفا أن اعتماد هذا القرار قد قوض نزاهة المجلس وصلاحياته، وأعرب عن أمله في أن يثبت خطأ بلاده تجاه مشروع القرار.

وأضاف: “الآن، تقع مسؤولية تنفيذ خطة الرئيس ترامب بالكامل على عاتق واضعيها وداعميها، وفي مقدمتهم دول مجموعة الثماني العربية والإسلامية. وللأسف، مررنا بالفعل بتجربة مؤسفة، حيث رأينا الولايات المتحدة تدفع باتجاه حلول للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مما أدى إلى نتائج عكسية لما كان مقصودا. لا تقولوا إننا لم نحذركم”.

 

أول تعليق من حماس على قرار مجلس الأمن

أصدرت حركة “حماس” بيانًا رسميًا ردًا على مصادقة مجلس الأمن الدولي على القرار الأمريكي الخاص بغزة، أعربت فيه عن معارضتها للعديد من مواد القرار وتقييمها لأهدافه.

أكدت حماس في بيانها، أن القرار الأمريكي لا يرتقي إلى مستوى مطالب وحقوق الشعب الفلسطيني السياسية والإنسانية، خاصة بعد عامين من “حرب إبادة وحشية وجرائم غير مسبوقة” في القطاع.

رأت الحركة أن القرار يفرض آلية وصاية دولية على قطاع غزة، وهو ما يرفضه الفلسطينيون وقواهم وفصائله. كما اعتبرت أنه “ينزع قطاع غزة عن باقي الجغرافيا الفلسطينية” ويحاول فرض وقائع جديدة، بما يحرم الفلسطينيين من حقهم في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم الفلسطينية وعاصمتها القدس.

أضافت الحركة أن القرار “يفرض آليةً لتحقيق أهداف الاحتلال التي فشل في تحقيقها عبر حرب الإبادة الوحشية”.

أكدت حماس أن مقاومة الاحتلال بكل الوسائل حق مشروع كفلته القوانين والمواثيق الدولية.

وشددت على أن سلاح المقاومة مرتبط بوجود الاحتلال، وأن أي نقاش في هذا الملف يجب أن يبقى شأنًا وطنيًا داخليًا مرتبطًا بمسار سياسي يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة وتقرير المصير.

رأت الحركة أن تكليف القوة الدولية بمهام وأدوار داخل قطاع غزة، منها نزع سلاح المقاومة، ينزع عنها صفة الحيادية ويحوّلها إلى طرف في الصراع لصالح الاحتلال.

واشترطت “حماس” لأي قوة دولية، في حال إنشائها، أن تتواجد على الحدود فقط، للفصل بين القوات، ومراقبة وقف إطلاق النار، وأن تخضع بالكامل لإشراف الأمم المتحدة وتعمل بالتنسيق مع المؤسسات الفلسطينية الرسمية، دون أن يكون للاحتلال أي دور فيها.

أكدت الحركة أن المساعدات الإنسانية وفتح المعابر حق أساسي، ولا يمكن إبقاء المساعدات وعمليات الإغاثة في دائرة التسييس والابتزاز. وطالبت بالإسراع في فتح المعابر وضخّ كل الإمكانيات لمواجهة الكارثة الإنسانية عبر الأمم المتحدة ومؤسساتها، وفي مقدّمتها وكالة الأونروا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى