د. هبة اسماعيل تكتب: حزن… وليس صدمة

لم يكن حادث التعدي على معتمر مصري في الأراضي المقدسة بالأمس صدمة بقدر ما كان حزنًا متجددًا.
فما شهدناه ليس الأول من نوعه، ولن يكون الأخير، إذ تكررت مشاهد الإهانة والعنف بحق الحجاج والمعتمرين عبر سنوات طويلة، وكأنها مشاهد اعتيادية في أرضٍ يُفترض أن تكون أقدس بقاع الأرض أمنًا وسلامًا.
من المؤلم أن تتغير المظاهر ويبقى الجوهر على حاله.
فمع كل محاولات التطور والانفتاح، لا يزال الفكر والسلوك أسيرًا لبدائية لم تُمسّها الحضارة. فالمال قد غيّر المظهر، لكنه لم يُصلح الجوهر، بل عزّز أحيانًا من السلوك السلبي المتوارث، حتى أصبحت القسوة عادة، والعنف سلوكًا مبررًا، والتعالي جزءًا من الحياة اليومية.
الأدهى من ذلك أن تصدر تصريحات من بعض القيادات والشخصيات البارزة تعكس ضحالة فكرية رغم الثراء المادي، فتجعلنا لا نشعر بالإهانة، بل بالحزن على وطنٍ عربي شقيق يملك الموارد، ويفتقر إلى الرؤية والقيادة الفكرية التي تحول هذا الثراء إلى وعي وإنسانية.
إن التنمية الحقيقية لا تُقاس بما نراه من مبانٍ شاهقة أو سيارات فارهة، بل بارتقاء الإنسان ذاته.
فكما أوضح “ماسلو” في هرمه الشهير، حين يتوقف الإنسان عند إشباع احتياجاته الأولية، ولا يسعى لتسلق درجات الوعي والسمو الإنساني، يظل أسير الغريزة مهما بلغ من مالٍ أو مظهر.
فالحادث الأخير ليس استثناءً، بل هو تذكير مؤلم بأن التطور لا يُشترى،
وأن التغيير الحقيقي يبدأ من الإنسان… لا من مظاهر الحياة حوله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى