أمنية طارق سلامة تكتب:التاريخ والحضارة وجهان لعملةٍ واحدة ونِتاجاً لموروث ثقافي عظيم

بات من الصعب إن لم يكن من المستحيل الإيمان بالجهل والفشل والفوضي والحروب والخراب والدمار لأن ذلك لايؤدي إلا إلي الشقاقِ والفُرقةِ والنزاع وانتشار الخرفات والجهل بين الناس والمجتمعات والتأخر والشلل في كافة مناحي الحياة .
وأصبح من السهل أن يسجل التاريخ كل تلك المصادر ويترجمها لمراحل تاريخية خاصة بكل شعب من مكتسبات حضارية وتراثية وثقافية للشعوب والمجتمعات .
ولكن من البديهي والمنطقي وباتَ من المُسلمات أن يكون لكل شعب مايميزهُ عن غيرهِ من التاريخ والحضارة والتي تتداخل تداخلاً منطقياً مع مكونات الموروث الثقافي والحضاري لذلك المجتمع والمتداخلة معهُ في نسيج و لُب المجتمع لوضع اللبنة الأولي لترسيخ قيم وعادات المجتمع بناءاً علي تاريخهِ وحضارتهِ وبشكلٍ يتماشي مع صون كرامته وعِزتَهُ.
ولكن ولا بد وأن تعي الشعوب جيدا بأن الحروب والنزاعات تهدم التاريخ بكل ماأتي بهِ التاريخ من حضارة وثقافة مجتمعة ..
لأن الحضارة والتاريخ وجهان لعملة واحدة لاينفصلان ولايمكن لأحد الفصل بينهما لأنهُ مالم يكن هناكَ تاريخ مالم تكُن هناك حضارة ،والحضارة تُبني بالتاريخ وحضارات الأمم لابد وأن يكون لها تاريخ طويل ممتد من الكفاح والنضال ، ووجود إرثاً ثقافياً وحضارياً وتراثياً يحافظ علي كل ماقدمه ُالتاريخ من مصادر.
سواء أكانت تلك المصادر مصادر أولية او مصادر ثانوية والمصادر الأولية هي تلك المصادر التي سُجلت في زمن وقوع الحدث مثل الصور المُلتقطة لحظة افتتاح المُتحف المصريْ الكبير أو كتلك الصور المُلتقطة أثناء التشغيل الأول لقناة السويس أو كتلك النقوش الأثرية علي جدران المعابد وكذلك البرديات الموجودة داخل المتاحف ومُسجل عليها كل المعلومات الخاصة بالمراحل والحقب التاريخية داخل الأُسر الفرعونية وعصر ماقبل الأسرات ..هذه جميعا تُعد مصادراً أولية لأنها سُجلت وقت وقوع الحدث .
اما إذا انتقلنا بِدورنا الي المصادر الثانوية فنجد انها تلك المصادر المؤخوذة والمنقولة عن المصادر الأولية ،فالمصادر الثانوية هي تلك المصادر التي سُجلت بعد حدوث الحدث بفترة زمنية طويلة قد تكون أشهر أو سنوات أو عقود أو حتي سجلت بعد ألاف السنين وهي أقل دقة مثل الأبحاث والدراسات المُعمقة في التاريخ والمقالات والصحف والإذاعة والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي وكتابات المؤرخين …الخ .
لذا فأنت أيها القارئ لهذا المقال تجد أن هناك مصادراً للتاريخ ينبغي الإعتماد عليها والرجوع إليها في كل الفترات و المراحل سواء بداية من المراحل الفرعونية مروراً بالحضارات اليونانية والرومانية والإغريقية مرورا بعصر الدولة الإسلامية والفاطمية والعثمانية وهكذا .
ولكن الذي نود التعريف به والتركيز عليه نقطتين هامتين أولهما ضرورة الإلمام بالمصادر التاريخية ومعرفتها جيدا وتحديد الزمن التي وقعت فيها وتحديد مااذا كانت تلك المصادر أولية أوثانوية ، ولكن يجب أن تلاحظ دائما عند اطلاعك علي هذه المصادر أن تعرف بأن المصادر الأولية أشمل وأدق من المصادر الثانوية لأنها تعتمد علي التسجيل اللحظي والوقتي للحظة حدوث ووقوع الحدث بكل دقة مثل النقوش الأثرية علي جدران المعابد والبرديات التي سجلت قديماً عن الأطباء في كيفية علاج المرضى ووصف المرض كبردية اديون سميث والتي وصفت علاج لمئة نوعٍ من المرض ، كما تعتمد المصادر الأولية علي صدق المعلومات وحقيقتها ولا تتناول الشائعات أو الاراء ولذلك تثبت صحتها.
اما إذا نظرنا الي المصادر الثانوية لجمع التاريخ والمعلومات والنظر فيها كاكتابات المؤرخين مثلا فقد نجدها مليئة بوجهات النظر والآراء القابلة للصحةِ والخطأ واحياناً تختلط بالشائعات والخرافات التي لاصحة لها ..
لذلك عند محاولة استيفاء المعلومات التاريخية يمكننا أن نستعين بالمصادر الأوليه قدر الإمكان كتلك التي في المتاحف والمعابد لأنها أكثر دقة وشموليةو لثبوت صحتها ودقتها أكثر من تلك الثانوية المشتقة من المصادر الأولية والماخوذة عنها.
لذا فإن ذلك يدلل علي فكرة أن الحضارة والتاريخ وجهانٍ لعملة واحدة وأن ماتشهدهُ المجتمعات من نهضة وتقدم وحضارة يؤول بالضرورة إلي تاريخ حافل بالإنجازات الحضارية الضخمة والعظيمة ويحمل تاريخ مُشرق ومجدد في المستقبل للأجيال القادمة ، وان ماتشهدهُ المجتمعات من فرقةٍ وتمزقٍ وخراب ودمار سيكون بكل تأكيد نقطة سوداء في تاريخ اي شعب ولن تقومَ له حضارة لأن شعباً بلا تاريخ يعني شعباً بلا حضارة .
				
					


