التعلق المرضي.. حين يتحول الحب إلى قيد نفسي

التعلق المرضي.. حين يتحول الحب إلى قيد نفسي

                 ✍️ بقلم:د. ياسمين شكرى 

في عالم العلاقات الإنسانية، يختلط الحب أحياناً بالخوف، والتقدير بالتبعية، فينشأ ما يُعرف بـ التعلق المرضي؛ ذلك النمط العاطفي غير الصحي الذي يجعل الإنسان أسيراً لوجود شخص بعينه في حياته، إلى الحد الذي يفقد معه استقلاليته وقدرته على إدارة ذاته وعلاقاته الأخرى.

 

ما هو التعلق المرضي؟

التعلق المرضي هو حالة من الارتباط العاطفي المفرط تجاه شخص ما، تتجاوز حدود الحب الطبيعي، وتصل إلى حد الاعتماد الكامل عليه لتلبية الاحتياجات النفسية والعاطفية. يشعر الشخص المتعلق بأنه لا يستطيع العيش أو الشعور بالأمان دون وجود الطرف الآخر، مما يجعله أكثر عرضة للقلق والخوف من الهجر والرفض.

أبرز سمات التعلق المرضي

اعتمادية عاطفية مفرطة: يجعل الشخص سعادته وراحته النفسية مرهونة بالآخر.

خوف دائم من الفقد والهجر: قلق مستمر وتوتر تجاه العلاقة.

تجاهل الذات: التضحية بالرغبات والاحتياجات الشخصية لإرضاء الطرف الآخر.

انعزال اجتماعي: ضعف العلاقات الأخرى لصالح علاقة واحدة مسيطرة.

محاولة السيطرة: رغبة في امتلاك الآخر وإقصائه عن محيطه الاجتماعي.

لماذا يحدث التعلق المرضي؟

تتعدد جذور هذا النمط النفسي، ومن أبرزها:

تجارب طفولة مؤلمة مثل الإهمال أو فقدان الشعور بالأمان.

ضعف الثقة بالنفس والاعتماد على الآخرين للحصول على التقدير.

الفراغ النفسي والعاطفي وعدم وجود مصادر دعم داخلي.

الإعجاب المبالغ فيه بشخصية الطرف الآخر.

التعلق الهرموني نتيجة ارتفاع مستويات الأوكسيتوسين (هرمون الارتباط)

صدمة عاطفية سابقة جعلت الشخص يبحث عن أمان بديل بأي ثمن.ى

هل التعلق المرضي اضطراب نفسي؟

لا يُدرج التعلق المرضي كاضطراب مستقل في الدليل التشخيصي للاضطرابات النفسية، لكنه غالباً ما يكون مؤشراً لمشكلات أعمق مثل:

اضطرابات الشخصية

ضعف التكوين النفسي في الطفولة

اضطرابات القلق والخوف من الهجر

الفرق بين الحب الصحي والتعلق المرضي

الحب التعلق المرضي

يمنح الحرية ويدعم النمو يقيد ويُحاصر الطرف الآخر

مساحة وخصوصية واحترام سيطرة ومحاولة امتلاك

علاقة تكامل علاقة تبعية

سعادة مشتركة خوف وقلق مستمر 

الحب الحقيقي يحرّر.. بينما التعلق يُقيّد ويُطفئ الروح.

كيف تتعافى من التعلق المرضي؟

تعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات

ممارسة الاستقلالية العاطفية والاعتماد على الذات

بناء علاقات اجتماعية صحية متنوعة

تجنب المثالية والإفراط في التعلق السريع

طلب مساعدة مختص نفسي إذا استمرت الأعراض أو أثرت على الحياة اليومية

العلاج يبدأ من إدراك أن سعادتك لا يجب أن تُسلَّم لشخص آخر. العلاقة الصحية تُبنى على التكامل لا التذويب، وعلى المحبة لا الخوف

الحب في جوهره نور، أما التعلق المرضي فهو ظلٌّ يطفئ بهاء العلاقات ويحوّلها إلى عبء نفسي. لا تبحث عن أمانك في شخص آخر، بل ازرعه داخل نفسك أولاً، فالعلاقات الصحية تبدأ من ذاتٍ مُتصالحة وناضجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى