لماذا نخاف من الرفض؟

كتبت بسمة خالد
هناك نوع من الصمت لا يعني الهدوء، وإنما الخوف من الظهور.
ونوع من العزلة لا يدل على الراحة، وإنما على القلق من الرفض.
هكذا يعيش من يمتلك شخصية اجتنابية… دائم الرغبة في التواصل، لكنه يخاف أن يقترب.
الشخص الاجتنابي لا يكره الناس، وإنما يخشى نظراتهم. يفكر كثيرًا قبل أن يتكلم، ويعيد تحليل كل تصرف بعد أن يحدث، كأنه يحاكم نفسه على أبسط التفاصيل. يختار الابتعاد حتى لا يُحرَج، ويُخفي مشاعره حتى لا يُرفَض.
تبدأ جذور هذه الشخصية من الطفولة، حين يتعرض الطفل للنقد أو السخرية أو لا يشعر بالتقدير الكافي. فيتعلم أن الأمان في الصمت، وأن البُعد أفضل من الرفض. ومع مرور الوقت، يتحول هذا الخوف إلى نمط حياة يمنعه من التجربة، ومن الشعور الكامل بالانتماء.
في الحب، يبدو الشخص الاجتنابي حنونًا لكنه مترددًا، يريد القرب ويخافه في الوقت نفسه. ينسحب حين تقترب العلاقة من العمق، ليس لأنه لا يهتم، وإنما لأنه يخشى أن يُؤذى. وفي العمل، قد يرفض فرصًا مهمة لأنه يظن أنه “ليس جاهزًا بما يكفي”.
لكن هذا الخوف يمكن تجاوزه. بالتدرّب على المواجهة، والتسامح مع الذات، يمكن للإنسان أن يتعلم أن الخطأ لا يعني الفشل، وأن الرفض لا يقلل من قيمته. فالعلاج النفسي يساعده على فهم جذور خوفه، والتعامل معه لا الهروب منه.
في النهاية، الشخصية الاجتنابية ليست ضعفًا، وإنما خوف قديم يحتاج إلى طمأنينة جديدة. حين يبدأ الشخص في تقبّل نفسه كما هي، سيكتشف أن العالم ليس مخيفًا كما ظن، وأن الشجاعة لا تعني ألا نخاف، وإنما أن نتحرك رغم الخوف.



