من يملك حق التقييم . في زمن المصالح بتتصالح

كتب معوض ابو زيد
كل المواثيق الدولية والدساتير نصت علي حق الإنسان في التعبير والرأي والنقد وحقه في الحصول علي المعلومات ..
لا أحد ينكر ذلك ولكن في هذه الأيام من يملك حق التقييم والنقد ؟ في زمن أختلط فيه الحابل بالنابل وتغيرت المعايير الخاصة بالموضوعية والشفافية ..
فالأغلبية أصبحت ناقدة واحيانا ناقمة علي غيرها دون أسباب واضحة أو مفهومة ..
الكل ينتقد ويتجاوز بل قد يتطاول بالسب والقذف وانتهاك خصوصية الغير تحت مسمى حرية الرأى والتعبير ..
ولن تذهب بعيدا خارج مجتمعنا لتكون الصورة واضحة جلية ..
عندما يأت وزير ما الي الوزارة تتسابق الأقلام والمؤيدين لمدحه والإشادة بإنجازاته غير المسبوقة وإبداعاته وعندما يغادر الوزارة بين عشية وضحاها يتحول المؤيدون وأصحاب المصالح الي نقاد وجلادين يأكلون في لحم الوزير السابق لتقديمه قربانا للوزير الجديد .. والمصالح تتصالح .. وخالتى وخالتك وأتفرقوا الخالات. كما يقول أهالينا في الأمثال .. وأذا أنتقلنا من الفئة العادية من طبقات الشعب المختلفة التى المفروض أن لها حق التقييم لأي مسئول ولكن غابت المعايير الخاصة بالنقد وتجاوزت الي أبعد من ذلك من عوامل التفسنة والهجوم علي شخص ما لصالح مجموعات أخرى تدفع جيدا .. حتى النقد والتقييم في مجالات مثل الرياضة والفنون سلكت الطريق الخطأ سواء من عصبية الجماهير المؤيدة لفريق أو ناد ما الي الشتائم والسب والقذف وأحيانا المشاجرات والمعارك .. وإذا تناولنا فئة الصفوة من كبار المسئولين في مجالات متعددة خاصة مجال الإعلام والصحافة الذي يعنى أكثر بالتقييم وحرية الرأي والتعبير بموضوعية وشفافية عن القضايا العامة المجتمعية والسياسية والاقتصادية ..فسنجد نفس المعايير المختلة فاقدة الشفافية والمصداقية في وقت تعانى فيه معظم المهن من فقر شديد في الكوادر البشرية المدربة وإقصاء المواهب والمتخصصين ليحل محلهم الضعفاء في الدرجة العلمية والثقافة والتخصص خاصة مع تهميش دور كلية الإعلام جامعة القاهرة وإنشاء أقسام عديدة في كل الجامعات لأقسام الصحافة والإذاعة. .. وتكون البدائل هى الواسطة والطرق الأخرى للوصول إلي صالات الصحف والنقابات وشاشات التليفزيون وهذه العقبة الأولي للقضاء علي وجود أعمدة رأي وأبواق مستنيرة للنقد والتقييم وصنع وإعداد قادة رأي يملكون حق التقييم الموضوعى .. كيف سينتقد إعلاميا مسئولا أو مسئولة.. وهذا المسئول تربطه علاقة صداقة بصاحب الرأي والباحث عن الحقيقة سواء كانت هذه العلاقة صداقة أو قرابة أو من مبدأ المصالح بتتصالح ..
كيف ستنتقد مدير مكتب الوزير أو وكيل الوزارة بعد أن قام بإصدار قرار بتعيين أبنك أو أخيك أو حتى زوجتك ورفع المرتب والبدلات من الكادر الحكومى الي كادر ومزايا الشركات الاستثمارية ..؟ وماحدش يقدر ينكر موضوع التحيز في النقد والتقييم لأن التحيز نفسه موجود بنسب في البحث العلمى بكل تخصصاته .. التحيز للعينة أو الفكرة .. نحن بشر وتحكمنا دوافع كثيرة ومختلفة من شخص لآخر .. وتظل القضية حائرة وشائكة : من يملك حق التقييم في زمن المصالح بتتصالح ؟



