لست سيكولوجيست ..لكن يدهشني ماأراه

بقلم الاعلامية صفاء مهنا
هل بت تكرهه بالفعل أم يتهيأ لك ذلك ؟هل تأثرت باستعراضات الدعوة للكراهية لأخيك في الوطن والتاريخ ؟ أأغوتك المواقع والصفحات التي تتبنى ذلك !!فكر قليلا ..هل هي كراهية بالفعل وشعور حقيقي.. أم أنها استعراض (شوفوني أنا ضد فلان)؟؟
وكيف يمكن أن يكون حقيقيا.. كيف حدث ذلك ومتى ..هل نسيت أم تتناسى أنكما أبناء الحي الواحد تقاسمتما الهواء والماء ..الأفراح والأتراح ..حفلات المدرسة والتخرج كنتم أصدقاء طفولة ومقاعد الدراسة وقاعات الدرس ومكاتب العمل ..أتذكر !! كيف كنتم أخوة في الوطن واليوم أين أصبحتم ولماذا ؟
على كل سواء أكان ذلك استعراضا أم حقيقيا فهو مدمر وهدام لكليكما..
لكن !!أتعلم ماالفعل الذي تقوم به ..هو التحريض وخطاب الكراهية الذي ينحر علاقات وصداقات وعشرة ومجتمعات والمستقبل …هذه الظاهرة التي باتت تنتشرمؤخرا كالوباء القاتل ..تستخدم التحريض أداة أما الأسلوب واللغة فحدث بلاحرج …
لكن مهلا” هل الكراهية مخيفة ..ربما حسب استدامتها أحيانا تكون شعورا” عابر ا” وربما دائم والشعور لايبنى عليه إذا لم يتبنى أفعالا وأقوال ..لكن المخيف أكثر اليوم في مجتمعاتنا هو خطاب الكراهية والتحريض فهو الأكثر انتشارا و يأخد أشكالا عدة تصل لنكران حقوق الآخر والتهديد والتحريض وتصل آثاره أن يكون مسببا للفقدان كالتوازن النفسي والحياة الاجتماعية وأحيانا الوجود ..وهنا تكمن الخطورة في هذا التحول من شعور عابر إلى خطاب يؤدي في حدوده القصوى إلى تصفية الآخر وحقوقه وإبادته جسديا أو رمزيا .
ونظرا لخطورة هذه الظاهرة وتفشيها ومايترتب عليها من آثار …دفعتني الدهشة من تداعياتها وليس الفضول ..بالتوجه لصديقتي الأخصائية في علم النفس والمجتمع والتساؤل ..لماذاتنتشر هذه الظاهرة كوباء فتاك في مجتمعنا؟فقالت:
لأسباب عديدة أولها اليوم التأثيرات الإعلامية والشبكات الاجتماعية وتصميم خوارزميات وسائل التواصل التي تميل لتعزيز غرف الصدى التي لاتتعرض فيها الآراء لأي اعتراض كما أنها تروج للمحتوى المثير للجدل لزيادة التفاعل حيث توفر المنصات بيئة سهلة وسريعة لانتشار خطاب الكراهية خاصة أن المحتوى العاطفي والمثير للجدل يحقق تفاعلا أكبر هذا بالعموم ..لكن الأسباب الرئيسية :فتكمن في التوترات السياسية والاجتماعية والاقتصادية أثناء الحروب والأزمات حيث تستغل فئة معينة هذا الخطاب لتحميل فئة أخرى مسؤولية حدث ما ..وتستخدمه كأداة لتوحيد الغضب وتأليب الرأي العام ..أيضا الجهل والخوف من الآخر وعدم تقبله ..إضافة للافتقار للمعرفة حول الثقاقات وتنوعها والمعتقدات المختلفة يولد شعور الخوف والتهديد من الاخر مما يؤدي الى تبني تلك الخطاب …
ومهما كانت الأسباب لن تبقى بمستوى التداعيات والمخاطر… حيث تشكل هذه الظاهرة خطرا” على المحتمعات بأكملها ليس فقط على من يمار’س عليه خطاب التحريض والكراهية ..أو الشتم والافتراء والدعوة للتهميش وإسقاط الحقوق…
وشيوع هذا النوع من الخطابات له أبعاد بعيدة المدى حيث هناك رابط قوي بين الخطابات التحريضية وإلحاق الضرر بالاشخاص والفئات المرتبطة والكرامات وحقوقها حيث الانقسامات تصل لحدود استخدام العنف فقد وثقت هيئات رصد مختصة عن تزايد خطاب الكراهية عبر الانترنت وتأثيره على التمتع بحقوق الانسان والديمقراطية وعن الرابط القوي بين تلك الخطابات وتزايد الانتهاكات والاعتداءات حيث جرى عبر التاريخ محو شعوب من الخريطة بطريقة ممنهجة بفعل التحريض والتجييش وخطاب الكراهية (وكان ذلك قبل ظهور وسائل الميديا التي تساهم بسرعة النشر فما بالك اليوم
لذلك يبقى التصدي لهذا الخطاب والوباء هو الأهم وأن يحتل الأولويات عبر تفكيك مسبباته وبيئاته وزيادة الوعي حول مخاطر وبضروره تقبل الآخر والتواصل المنفتح والاحترام المتبادل وأهمية التعايش والعمل على خلق إطار قاتوني يجرم الجهات والأفراد التي تتخذ من خطاب الكراهية أداة…ويبقى الرادع الأخلاقي والإنساني هو الأساس …لنوضئ قلوبنا بالمحبة وتقبل الآخر وبحقه في العيش بسلام وأمان علنا نستفيق قبل فوات الأوان …وختامها إليكم أصدقائي هل تتملككم الدهشة ؟؟اعذروني إن أطلت بالتساؤلات.