البلاستيك يهدد خصوبة الرجال 

تثير دراسة علمية جديدة قلقًا واسعًا بعد أن كشفت عن آلية بيولوجية معقدة تفسّر كيف تضر الجسيمات البلاستيكية الدقيقة بخصوبة الرجال، وتؤثر بشكل مباشر في جودة الحيوانات المنوية ووظائفها الحيوية.

ويضاف هذا العامل إلى مؤثرات أخرى مثل السمنة والتوتر ونمط الحياة غير الصحي، غير أن الدراسة الجديدة سلّطت الضوء على الملوثات البيئية باعتبارها خطرًا متصاعدًا على الصحة الإنجابية.

واعتمد الفريق البحثي على تحليل عينات من 200 رجل في سن الإنجاب، مع دراسة دقيقة لعادات استخدامهم للأدوات البلاستيكية.

وأظهرت النتائج وجود جسيمات بلاستيكية دقيقة في 55.5% من عينات السائل المنوي، وتبيّن أن هذه النسبة كانت أعلى لدى الذين يستخدمون الأدوات البلاستيكية يوميًا.

البلاستيك يدمّر خصوبة الرجال

ولفهم كيفية تأثير هذه الجسيمات على الخلايا، أجرى العلماء تجارب على الفئران باستخدام جسيمات بوليستيرين متناهية الصغر بقطر 50 نانومتر. وأظهرت النتائج انخفاضًا في تركيز الحيوانات المنوية بنسبة 33%، وتراجعًا في حركتها الكلية بنسبة 21%، مع زيادة واضحة في نسب التشوهات الخلوية.

على المستوى الجزيئي، كشفت الدراسة عن سلسلة تفاعلات خلوية معقدة تبدأ عندما تتسلل الجسيمات البلاستيكية إلى الخلايا، حيث تستقبل بروتينات FOXA1 إشارات الخطر، فتفعّل بروتينات MAP3K1 التي تعمل كمركز للتحكم، لتنقل بدورها الإنذار إلى بروتين p38، الذي يُشبه «جهاز الإنذار الخلوي». هذا البروتين يطلق إشارات طوارئ عبر p-c-fos، تؤدي إلى اضطراب في سلوك الخلية.

وتُجبر هذه الإشارات الخاطئة الخلايا على اتخاذ قرارين مدمرين: أولهما الدخول في عملية “الالتهام الذاتي” عبر هضم مكوناتها الأساسية، وثانيهما “الموت المبرمج”، أي تدمير نفسها ذاتيًا. هذه الآلية المزدوجة تفسّر الانخفاض الحاد في أعداد الحيوانات المنوية، وضعف حركتها، وارتفاع معدلات التشوه، بما يحوّل عملية إنتاجها من منظومة دقيقة إلى عملية فوضوية مليئة بالأعطال.

وأكد الباحثون أن النتائج تمثل إنذارًا جديًا بشأن المخاطر الإنجابية الناجمة عن التعرض اليومي للبلاستيك، خصوصًا في الأدوات المستخدمة لتناول الطعام أو تخزينه. ودعوا إلى ضرورة تبنّي سياسات صحية تقلل من استخدام المواد البلاستيكية، وتشجّع على بدائل أكثر أمانًا وصداقة للبيئة، إلى جانب مواصلة الأبحاث لفهم التأثيرات طويلة المدى لهذه الجسيمات على الصحة الإنجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى