مأمون الشناوي يكتب: لكيّ نحارب !!

الحرب ليست قعقعة سلاح ، واصطدام الحديد بالحديد ، وليست زمجرة الطائرات والبوارج ، ولا دوي المدافع ، وإنما الحرب نزال ومواجهة بين حضارتين وعقيدتين وقوتين !!.
نعم ، نحن لاشك بنينا جيشاً قوياً ، مدججاً بأحدث الأسلحة ، وعلي درجة فائقة من التدريب والجهوزية والروح القتالية العالية !!.
ولكن ، هل هذا وحده يكفي لمواجهة عدو متربص ، لا يخفي عداوته وتربصه بنا !!.
لقد هزمنا في عام ٦٧ عسكرياً ، وتم تدمير الجيش المصري كله تقريباً ، لكن ظل الشعب المصري قوياً متماسكاً رافضاً للهزيمة ، وعندما أعيد بناء قواتنا المسلحة علي أسس علمية حديثة ، وفي وجود ظهير شعبي عظيم ومترابط وواع ، انتصرنا في عام ٧٣ ، انتصاراً أذهل الدنيا كلها !!.
القوة العسكرية وحدها لا تأتي بالنصر ، وانما لابد من وجود جبهة داخلية علي نفس درجة تلك القوة العسكرية !!.
وحين نتأمل الواقع بحيادية ونزاهة ووطنية ، نصاب بالهلع ، فهل كل مؤسساتنا علي نفس درجة انضباط قواتنا المسلحة ؛ هل التعليم منضبط ، والمدارس تغرس قيمة الانتماء في نفوس تلاميذها ، أم هي خاوية منهم بعدما هجروها إلي السناتر ، وتلك جريمة يشارك فيها أولياء الأمور والمعلمون والدولة معا ، لا أستثني أحدا [ ذات يوم أصدر وزير التعليم قراراً بحرمان الطالب الذي يتغيب عن مدرسته شهراً من دخول الامتحان ، استدعي البرلمان الوزير بضغط من أولياء الأمور ، وأجبروه علي إلغاء قراره ] !!.
هل الصحة بخير ، ونحن نري الاستهانة بأرواح المرضي في المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية الخاصة سواء بسواء ، وهم يتنافسون في الإهمال والجشع واللامبالاة [ آخرها ماجري في مستشفي ٦ أكتوبر ، وإصابة عدد من المرضي بالعمي الكامل ، نتيجة الأخطاء الطبية والعبث المهني ] !!.
هل إعلامنا علي مستوي الحرب ، وأينما التفت فثمة تفاهات ونميمة ، وخزعبلات وحكايات المصاطب ، وغرف النوم والمطابخ ، بعدما تصدر مشهده نخبة من عديمي الموهبة والمهنية ، يتأرجحون بين الردح والجهالة !!.
هل الفن عندنا بخير ، وهو ضلع خطير ساعة الحسم ، وقد شاهدنا فناني مصر بعد النكسة ، وقد تحولوا إلي جنود مجندة ، وارتدوا الكاكي والمموه ، وتحولت الآلات الموسيقية في أيدبهم إلي بنادق ومدافع !!.
قبل أن نحارب ، أو نفكر في الحرب ، علينا أن ننظف الجرح من القيح والصديد ، وأن نقتلع الحشائش الضارة من التربة ، وأن نطهر الأجواء من الفساد والمفسدين ، وأن نعيد تشكيل الوجدان الوطني والبوتقة الوطنية ، وأن نقوض الإهمال ، ونهدم بنيان الظلم ونرفع المظالم ، وأن نبني مجتمعنا علي الجدية والإنصاف والعدالة والحرية والمساواة !!.
ساعتها يمكننا أن نحارب ، واثقين من النصر ، بل نهتف :
يا أهلاً بالمعارك !!.
* مأمون الشناوي *