إيران تطلق صاروخًا باليستيًا عابراً للقارات وتلوّح بالرد على إعادة العقوبات الدولية

إيران تختبر صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات، مع تهديد بالرد العسكري على إعادة فرض العقوبات الدولية، وسط توترات متصاعدة حول برنامجها النووي.
شهد مجلس الأمن الدولي جلسة حادة انتهت بإعادة تفعيل آلية الزناد، في خطوة أثارت رد فعل سريع جداً من طهران، تمثل في تهديد بتعليق التفاهمات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن يبقى التساؤل: هل هذا التهديد فعلي أم مجرد محاولة أخيرة لكسب الوقت ورفع سقف المواقف قبل أن تتضح المعطيات؟
ترى إيران أن الخطوة الأوروبية عبر تفعيل الآلية غير قانونية واستغلال للآليات القائمة، في حين أن الواقع الاقتصادي على الأرض يتحدث بوضوح؛ فحتى مجرد الحديث عن عقوبات جديدة يؤدي إلى اهتزاز الأسواق، كما ظهر اليوم في سوق العملات بطهران، حيث قفز الدولار إلى ما فوق 103 آلاف ريال خلال ساعات قليلة.
على الجانب الآخر، احتفلت إسرائيل بهذه الخطوة، إذ اعتبر دبلوماسيون أن العالم بدأ يدرك التهديد، بينما شددت الخارجية الإسرائيلية على أن الهدف يجب أن يبقى واضحاً: تصفير البرنامج النووي الإيراني. هنا تتضح الصورة كسباق مزدوج، إيران تسعى لإظهار نفسها كضحية، بينما إسرائيل تستغل اللحظة لتكثيف الضغوط، مدعومة هذه المرة من القوى الغربية.
وأكد محللون عسكريون إيرانيون أن هناك ثلاثة مسارات متوازية في التعاطي الإيراني مع الملف النووي: الأول حكومي، والثاني برلماني، والثالث مرتبط بالنخبة السياسية سواء الإصلاحية أو المتشددة. المسار الحكومي تركز على التفاهمات الموقعة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي نصت على توقف التعاون إذا تعرضت إيران لأي عدوان أو تم تفعيل آلية الزناد. أما المسار البرلماني فيتضمن قراراً سابقاً بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي حال إعادة تفعيل العقوبات، خصوصاً البند السابع من قرارات مجلس الأمن.
بالنظر إلى الوقت الضيق المتبقي حتى نهاية سبتمبر، تبقى المفاوضات مع الولايات المتحدة حاسمة، خصوصاً بعد اقتراح إيران للتعاون مع الوكالة بشأن معالجة اليورانيوم المخصب. وإذا لم يتم التوصل إلى تفاهمات، فإن التصعيد قد يشمل قطع العلاقات والتعاون مع الوكالة، وربما انسحاب البرلمان من معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو ما يشكل خطورة عالية على الاستقرار الإقليمي والدولي.
ويشير المحللون إلى أن التهديدات الإيرانية ليست مجرد ورقة ضغط، بل تأتي في إطار استعداد إيراني كامل لمواجهة فرض عقوبات جديدة، مدعوم بعلاقات وثيقة مع روسيا والصين، في وقت يحاول فيه الغرب، عبر الترويكا الأوروبية، التواصل مع طهران لتجنب التصعيد. كما يلفت إلى أن إيران مستعدة للرقابة الدولية على برنامجها النووي، بما في ذلك معالجة اليورانيوم المخصب بمستويات مختلفة، في محاولة لإظهار سلمية برنامجها.
لكن التحدي يكمن في موقف الولايات المتحدة، خصوصاً بعد الفترة التي أعقبت العدوان الإسرائيلي على إيران، إذ لم تُبدِ الإدارة اهتماماً واضحاً بالمفاوضات، بينما تمارس إسرائيل ضغوطاً كبيرة لضمان تصفير البرنامج النووي بالكامل، وهو ما ترفضه طهران.
في هذا السياق، يبقى التركيز على مراقبة الموقف الأمريكي والإيراني، خصوصاً في ظل الاستعدادات الإيرانية للتعامل مع فرضية إعادة العقوبات، واستمرار الجهود الروسية والصينية لتمديد القرار الدولي الذي احتضن الاتفاق النووي لعام 2015. كما تشارك القوى العربية والخليجية في جهود الوساطة لتفادي التصعيد والوصول إلى اتفاق يوازن بين المخاوف الغربية والطموحات الاقتصادية الإيرانية، بما يحمي مصالح جميع الأطراف ويجنب المنطقة تداعيات خطيرة.
إيران تختبر صاروخ باليستي عابر للقارات
تصاعد التوتر في الملف النووي الإيراني لم يقتصر على التهديدات الدبلوماسية والعقوبات الدولية، بل شمل بعداً عسكرياً واضحاً تمثل في تجربة صاروخية باليستية نفذتها إيران مساء الخميس الماضي. التجربة شملت إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات حيث شاهد المواطنون الايرانيون ليلة الخميس دخان ثلاثه صواريخ من مواقع مختلفة داخل البلاد، أحدها من طهران، وآخر من سمنان، والثالث من وسط إيران، وهو ما أثار قلقاً إقليمياً ودولياً، خاصة لدى إسرائيل التي سبق أن تعرضت لهجمات مماثلة على العمق الإسرائيلي في حرب يونيو الماضي.
التجربة الصاروخية تأتي في وقت حرج، مع تفعيل مجلس الأمن آلية الزناد لإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، ورد طهران السريع بتهديد تعليق التفاهمات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. المحللون يرون في هذه الخطوة رسالة مزدوجة تشمل استعراض قوة الردع الإيرانية، وتأكيد قدرة إيران على الرد العسكري في حال تصاعد الضغوط الغربية، بما في ذلك العقوبات.
ويؤكد المراقبون أن الصواريخ الباليستية تمثل عنصر ضغط استراتيجي لإيران، خصوصاً مع امتلاكها كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بنسب مرتفعة، وهو ما يجعل أي تحرك غربي ضد برنامجها النووي محفوفاً بالمخاطر. هذه الخطوة تعكس استعداد طهران للتصعيد العسكري، في الوقت الذي تبدي فيه بعض المرونة في إطار الرقابة الدولية على برنامجها النووي، عبر استعدادها لمعالجة اليورانيوم المخصب وفق مستويات مختلفة تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.