أيمن عدلي يكتب: رفقا بأولياء الامور

مع بداية كل عام دراسي، تعود المعاناة الثقيلة إلى ملايين البيوت المصرية : مصاريف مدرسية مرهقة، زي مدرسي وكتب وأدوات بأسعار تتضاعف، وأقساط مدارس خاصة لا ترحم، فضلًا عن مصاريف المواصلات التي تحولت إلى كابوس فوق طاقة الأسر.
الدولة تبذل ما تستطيع عبر مبادرات مثل “كلنا واحد”و”أهلاً مدارس”، التي توفر المستلزمات بأسعار مناسبة، لكن الجهد الأكبر يبقى على عاتق التجار وأصحاب المكتبات والمدارس الخاصة ورجال المال وكل من يشارك في دورة الحياة اليومية للمواطن.. الضمير هنا هو الفيصل، والرحمة هي الاختبار الحقيقي.
ما رأيته مؤخرًا أن استغاثات أولياء الأمور لم تعد استثناء بل قاعدة..أسرة لديها طفلان أو ثلاثة في مراحل مختلفة تجد نفسها مطالبة بمبالغ لا تحتمل خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة..الأسوأ أن بعض أصحاب المدارس والجامعات يتعاملون وكأن هذه الأعباء لا تعنيهم، متجاهلين النداءات الصادقة لتخفيف الضغط عبر خصومات أو تسهيلات في الدفع.
الواجب الآن أن يتحرك أصحاب المدارس والجامعات الخاصة بروح المسؤولية الوطنية والإنسانية .. أنظمة سداد مرنة وتقسيط عادل، تخفيض واقعي لمصاريف الباص، منح جزئية أو خصومات للطلاب المتميزين وللأسر الأكثر احتياجًا، مشاركة فعلية في تحمل العبء المجتمعي باعتبار أن التعليم رسالة قبل أن يكون تجارة، ثم الأهم وهو فتح قنوات حوار صادقة مع أولياء الأمور بدلًا من تركهم يصرخون في الفراغ.
رسالتي لكل صاحب قرار أو مدرسة أو متجر أو مكتبة: ما تفعلونه اليوم سيبقى شاهدًا عليكم غدًا..اعملوا لوجه الله، فالرحمة لا تنقص من ربح ولا تقلل من مكانة.. جبر الخواطر عبادة، وكلمة طيبة أو خصم بسيط قد تصنع فارقًا في حياة أسرة كاملة وتبقى لكم ذكرى طيبة بعد رحيلكم.
الدنيا لا تدوم بمال ولا سلطان، لكن يبقى الأثر الحسن، تبقى دمعة مسحتها عن عين أم، ودعوة صادقة من أب شعر أنكم وقفتم بجانبه في وقت الضيق.
رفقًا بأولياء الأمور، ولنجعل من كل مدرسة ومكتبة ومتجر ومؤسسة مساحة رحمة قبل أن تكون مصدر ربح. الرحمة خير استثمار، وجبر الخواطر أعظم تجارة مع الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى