حماس بين القبول والرفض: كيف قد يقود القرار إلى احتلال كامل قطاع غزة؟

تقرير يارا المصري
يشهد قطاع غزة لحظة مفصلية قد تحدد مصيره لسنوات قادمة. فالمفاوضات الجارية بين الوسطاء الدوليين والإقليميين، والتي تهدف للوصول إلى اتفاق تهدئة أو تسوية سياسية، تواجه عقبات كبيرة بسبب موقف حركة “حماس” الرافض لبعض البنود المطروحة. هذا الرفض، وفق تقديرات خبراء الأمن والسياسة، قد لا يترك أمام إسرائيل سوى خيار الحسم العسكري الشامل، بما يعني إنهاء أي وجود إداري أو أمني فلسطيني مستقل في القطاع.
منذ سيطرة حماس على غزة عام 2007، خضع القطاع لحصار إسرائيلي مشدد، تخللته جولات متكررة من التصعيد العسكري. ومع كل جولة، كانت إسرائيل تكتفي بعمليات محدودة ثم العودة إلى التهدئة، لكن الحرب الأخيرة وسّعت من نطاق العمليات، وأعادت إلى الواجهة خيار الاحتلال الكامل كخيار إستراتيجي، وليس فقط كورقة ضغط تفاوضي.
و في الداخل الإسرائيلي، يروج تيار سياسي وأمني لفكرة أن إبقاء غزة تحت حكم حماس يشكل خطرًا أمنيًا دائمًا، وأن الفرصة الحالية—مع ضعف البيئة الإقليمية الداعمة للفصائل—قد تكون الأنسب لإسقاط حكم الحركة. هذا التيار يرى أن أي اتفاق لا يشمل تفكيك البنية العسكرية لحماس هو “تهدئة مؤقتة” ستنهار لاحقًا.
كما أن إسرائيل تدرك أن أي فراغ أمني ستخلقه الحرب يمكن أن يُملأ بترتيبات جديدة، ربما بإشراف دولي أو إدارة فلسطينية بديلة، وهو ما يجعل الاحتلال الكامل ورقة تفاوضية وضغطًا في آن واحد.
و حماس، من جانبها، تدرك أن القبول باتفاق لا يحقق رفع الحصار أو ضمانات لوقف دائم لإطلاق النار قد يُفسَّر داخليًا كتنازل سياسي. الحركة تراهن على أن استمرار المقاومة سيجبر إسرائيل على تقديم تنازلات أكبر، لكنها تواجه في الوقت نفسه خطر استنزاف عسكري واقتصادي وإنساني، خاصة مع تراجع الدعم الميداني من بعض القوى الإقليمية.
الأزمة لا تنفصل عن سياق أوسع يشمل مواقف الولايات المتحدة، والدور المصري، والموقف القطري، إضافة إلى ضغوط الأمم المتحدة. هذه الأطراف—رغم اختلاف أجنداتها—تتفق على أن احتلال غزة بالكامل سيؤدي إلى أزمة إنسانية هائلة، لكنها في الوقت نفسه قد لا تملك أدوات كافية لردع إسرائيل إذا رأت أن حماس تعطل مسار التهدئة.
السيناريوهات المحتملة
القبول الجزئي بالاتفاق: يحافظ على الحد الأدنى من السيطرة الفلسطينية، ويجمد خطط الاحتلال، مع احتمال الدخول في مفاوضات أوسع.
الرفض الكامل يفتح الباب أمام عملية عسكرية واسعة قد تنتهي بسيطرة إسرائيلية شاملة على القطاع.
تسوية برعاية إقليمية: إدخال طرف عربي أو دولي لإدارة غزة مؤقتًا، مع إضعاف كبير لدور حماس.
القرار الذي ستتخذه حماس في الأسابيع القادمة قد يكون الأهم في تاريخها السياسي. فالمعادلة واضحة: إما الدخول في مسار تسوية يمنع سقوط القطاع، أو مواجهة مفتوحة قد تؤدي إلى نهاية حكمها، وربما إلى إعادة تشكيل الخريطة السياسية والأمنية لغزة والمنطقة لعقود مقبلة.