بلجيكا تشدد شروط لم الشمل العائلي بقوانين جديدة تعيد رسم ملامح سياسة الهجرة

بقلم: يوسف عبد القادر – بروكسل

اقرت السلطات البلجيكية مؤخرا مجموعة من التعديلات الجوهرية على قانون لم الشمل العائلي، في خطوة تعكس توجها واضحا نحو تشديد شروط التجمع الأسري وربط الهجرة بمقومات الاستقلال الاقتصادي والاندماج الاجتماعي. هذه التعديلات، التي اقرتها الحكومة بدعم من الاغلبية البرلمانية، تمثل تحولا ملموسا في سياسة الهجرة، وتأتي وسط جدل واسع بين المؤيدين لها والداعين الى حماية البعد الانساني في قوانين الهجرة.

شروط مالية اكثر صرامة

ابرز هذه التعديلات يتمثل في رفع الحد الادنى للدخل المطلوب للحصول على لم الشمل. فقد اصبح على الشخص المقيم في بلجيكا ان يثبت دخلا شهريا صافيا يعادل 110% من الحد الادنى المضمون للدخل، اي ما يقارب 2322.63 يورو. وتضاف نسبة 10% لكل فرد اضافي من افراد الاسرة. على سبيل المثال، فان اسرة مكونة من شريك وطفلين مطالبة الآن بدخل شهري صافي يبلغ حوالي 2750 يورو.

فترات انتظار اطول

تم كذلك تمديد فترات الانتظار للحصول على لم الشمل او تكوين الاسرة، لتصل الى سنة او سنتين،
حسب وضع الاقامة.

ويشمل ذلك بشكل خاص

المستفيدين من الحماية الفرعية او الحماية المؤقتة، الذين يفرض عليهم الانتظار لمدة عامين.

كما تم الغاء امكانية تكوين الاسرة (الزواج ثم التقديم على لم الشمل) لهذه الفئة.

تقليص الاعفاءات

بالنسبة لافراد عائلة اللاجئين المعترف بهم، تم تقليص فترة الاعفاء من الشروط المادية (مثل الدخل والسكن) من 12 شهرا الى 6 اشهر فقط، ما يعني ان هذه العائلات باتت مطالبة بتقديم ما يثبت توفر الموارد الضرورية في وقت اقصر بكثير من السابق.

رفع سن الشريك

في اجراء يهدف الى مكافحة الزواج القسري وتعزيز الاستقرار الاسري، تم رفع الحد الادنى لسن الشريك او الزوج المسموح به في سياق لم الشمل الى 21 عاما، وذلك بما يتماشى مع ما تسمح به الادوات القانونية الاوروبية.

قيود على التأشيرات التلقائية

من جهتها، غيرت ادارة الهجرة (DVZ) سياستها بشأن منح التأشيرات التلقائية (ambtshalve) لافراد عائلات العمال الاجانب. وابتداء من ابريل 2025، لم يعد يسمح باصدار هذه التأشيرات تلقائيا الا اذا كان العامل يتقاضى راتبا شهريا خاما لا يقل عن 5000 يورو. ويشمل ذلك فئات محددة فقط مثل حاملي البطاقة الزرقاء الاوروبية، الباحثين، والمهنيين المستقلين الحاصلين على بطاقة مهنية.

سياق سياسي واجتماعي

بحسب النائبة مايكي دي فريز (N-VA)، فان بلجيكا “لن تكون بعد الآن الحلقة الاضعف في اوروبا”. واشارت الى ان عدد تأشيرات لم الشمل سجل مستويات قياسية عام 2024، ما يستدعي فرض ضوابط اكثر صرامة. واضافت: “من الضروري ان يتحمل كل شخص مسؤولية اعالة اسرته بنفسه دون اللجوء المبكر الى نظام الضمان الاجتماعي”.

بين التنظيم والانسانية

بينما ترى الحكومة ان هذه الاجراءات ضرورية لحماية النظام الاجتماعي وضمان اندماج فعال، فان منظمات حقوق الانسان تعتبر ان هذه التعديلات قد تعمق من مشكلات التشتت الاسري وتصعب لم الشمل على الفئات الضعيفة، لا سيما اولئك القادمين من مناطق نزاع او ظروف استثنائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى