ترامب ونتنياهو: عبث سياسي وأهداف خفية وراء تدمير غزة

بقلم ناصر السلاموني
ما يفعله الرئيس الأمريكي ( دونالد ترامب ) هو مزيج من العبث السياسي والتلاعب الاستراتيجي، حيث يعتمد على خلق واقع وهمي يجعل الأفكار المستحيلة قابلة للنقاش والمشاريع غير القابلة للتنفيذ مطروحة كخيارات محتملة. هذه الاستراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل الوعي العام ودفع الخصوم إلى مواقع دفاعية بدلًا من إبقائهم في موقع الهجوم.
التلاعب بفكرة تهجير الفلسطينيين؛ عندما يُطرح موضوع تهجير الشعب الفلسطيني، رغم استحالة تنفيذه، يتحول إلى قضية قابلة للنقاش بدلًا من رفضها بشكل قاطع. وبدلًا من التركيز على مبدأ عدم التهجير، يبدأ الناس في التساؤل: “إلى أين سيذهب الفلسطينيون؟” وكأن رحيلهم أمر حتمي، فيما تتحول الدول العربية المستهدفة، مثل: مصر والأردن ودول الخليج، من موقع الرافض إلى موقع المفاوض على صفقة فرضية.
مبررات نتنياهو الكاذبة؛ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) يحاول تبرير عدوانه على غزة بحجة أنها “بقعة صغيرة تستولي عليها جماعة إرهابية لقصف تل أبيب”، زاعمًا أن الاحتلال يسعى إلى “تنظيفها” وإعادة بنائها بحيث لا يعود الإرهاب. بكل وقاحة، يدّعي أن المسؤول عن تدمير غزة هم “الإرهابيون”، في حين أن الاحتلال هو من قصف المستشفيات والمدارس والمنازل وقتل الآلاف من المدنيين. بل يذهب إلى أبعد من ذلك حين يطرح فكرة إعادة إعمار غزة بأموال الدول العربية، وكأنه يمنحهم “فرصة لإثبات اهتمامهم” بالقطاع، بينما يسعى في الحقيقة إلى طرد أهل غزة وعدم السماح لهم بالعودة.
ترامب ورؤية رجل الأعمال؛ أما ترامب، فهو ينظر إلى إعادة إعمار غزة بعقلية رجل أعمال يعمل في العقارات. يؤيد مشروع صهره جاريد كوشنر، الذي يرى أن للواجهة البحرية لغزة قيمة استثمارية كبيرة، شرط أن يتم طرد السكان وتطهير المكان لصالح المستثمرين الإسرائيليين.
الممر الاقتصادي: الهدف الحقيقي وراء تدمير غزة؛ القصة الحقيقية بدأت في 10 سبتمبر 2023، عندما أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دعمهما لتطوير ممر جديد للنقل يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، وهو مشروع طُرح خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي. هذا الممر يهدف إلى مواجهة النفوذ الاقتصادي الصيني، وهو أحد أدوات واشنطن للحفاظ على هيمنتها الاقتصادية. جزء أساسي من هذا المشروع يتطلب المرور عبر غزة، حيث يُفترض أن يكون خط السكك الحديدية المزعوم أسرع بنسبة 40% في نقل البضائع من الهند إلى أوروبا.
مشاريع أخرى وراء العدوان؛ إلى جانب الممر الاقتصادي، هناك مشروع قناة “بن غوريون”، الذي يمتد من ميناء إيلات حتى ميناء غزة ليكون بديلًا عن قناة السويس المصرية. كما أن السيطرة على حقول الغاز في غزة، التي تحتوي على مليارات الأمتار المكعبة من الغاز الطبيعي، هي هدف استراتيجي آخر لإسرائيل والولايات المتحدة.
مما سبق يتضح أن جريمة محو غزة من الخريطة أمر يصر عليه الامريكان وإسرائيل وهو ما ليس مجرد حرب، بل عملية تطهير ممنهجة تهدف إلى السيطرة على الموقع الجغرافي والموارد الطبيعية
. ترامب ونتنياهو يحاولان تبرير جريمتهم بالترويج لفكرة “إعادة الإعمار”، بينما الهدف الحقيقي هو تهجير أهل غزة والاستيلاء على أرضهم.
إن الحل الوحيد للأمن والاستقرار هو إعادة الحقوق إلى أصحابها، فالشعب الفلسطيني هو صاحب الأرض، والمحتلون الإسرائيليون هم الغرباء الذين جاءوا بالقتل والدمار. وكما وعد الله، فإن زوال إسرائيل قادم لا محالة: “وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا” (الإسراء: 104).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى