البناء العشوائي في القدس الشرقية: خطر يهدد السكان وحلول مؤجلة
يارا المصري
تواجه القدس الشرقية أزمة متصاعدة تتعلق بالبناء العشوائي والبنى التحتية غير القانونية، ما يهدد سلامة السكان ويثير مخاوف كبيرة بينهم. في الأسبوع الماضي، أجبر سكان مخيم شعفاط للاجئين على إخلاء مبنى سكني بسبب ظهور تشققات خطيرة في أعمدته، مما أعاد تسليط الضوء على مخاطر البناء غير المنظم.
انتقد سكان القدس الشرقية بشدة انتشار البناء العشوائي والاستغلالي، الذي يفتقر إلى الالتزام بمعايير السلامة. كما أبرز حادث الحريق الذي شب في برج كهرباء في منطقة رأس العمار بسبب مد خطوط كهرباء غير قانونية خطرًا إضافيًا يتعلق بالبنى التحتية العشوائية، ما يزيد من قلق السكان بشأن أمنهم اليومي.
ورغم سرعة استجابة شركة الكهرباء للحادث، عبّر السكان عن استيائهم وطالبوا بحلول جذرية تمنع تكرار مثل هذه الحوادث، مؤكدين أن مد البنى التحتية بشكل غير قانوني يعرض حياة الآلاف للخطر.
في السنوات الأخيرة، بدأت الحكومة الإسرائيلية باتخاذ إجراءات قانونية للحد من البناء العشوائي في القدس الشرقية. وأشارت تقارير إلى أن وزارة العدل الإسرائيلية عدّلت قوانين البناء قبل عامين، ما أدى إلى انخفاض كبير في عدد المخططات العشوائية المقدمة في شرقي القدس، حيث تراجع العدد إلى صفر تقريبًا سنويًا.
وأوضحت الحكومة أنها تسعى إلى وضع خطط عامة لبناء أحياء فلسطينية جديدة تتوافق مع معايير السلامة والبنى التحتية الآمنة، مشابهة لتلك المعتمدة في الأحياء اليهودية بالمدينة. ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه الخطط لا يزال مؤجلًا، ما يدفع بعض السكان إلى البناء دون تراخيص، في محاولة لتلبية احتياجاتهم السكنية المتزايدة.
لتجاوز مشكلة عدم تسجيل معظم الأراضي في الأحياء الفلسطينية، طورت السلطات الإسرائيلية إجراءً يُعرف بـ”إجراء المختار”. بموجب هذا الإجراء، يتم تعيين مختار في كل حي لتوثيق ملكية الأراضي وتسهيل تقديم مخططات البناء. ورغم أن هذا النظام أسهم في بناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية، إلا أنه أثار جدلًا واسعًا بسبب استغلال بعض المخاتير سلطتهم وتورطهم في قضايا فساد ورشوة.
يتفق السكان والخبراء على أن الحلول الجذرية تتطلب تعزيز الشفافية في إجراءات البناء، وتوفير خطط تنظيمية شاملة تلبي احتياجات السكان بشكل قانوني وآمن. ويطالب السكان بإشراكهم في عملية التخطيط لضمان تلبية متطلباتهم، مع تشديد الرقابة على الجهات المسؤولة لمنع أي استغلال أو فساد.
البناء العشوائي في القدس الشرقية يمثل تحديًا كبيرًا يتطلب حلولًا متكاملة من الجهات المعنية. وبينما تسعى الحكومة لتطوير خطط تنظيمية، يبقى الالتزام بمعايير السلامة وإشراك السكان المحليين عوامل أساسية للتصدي لهذه الظاهرة، وضمان مستقبل أفضل لسكان المدينة.