“مفكرون وأدباء”: مبادرة «بداية» والتشغيل التجريبي للمتحف الكبير تعد أبرز الأحداث الثقافية 2024
علاء حمدي
أكد مفكرون وأدباء وشعراء أن عام 2024 ، الذي يلملم أوراقه إيذانا بالرحيل، شهد نشاطا ملحوظاً وزخما في الأحداث والفعاليات الثقافية لاسيما تلك المتعلقة ببناء الوعي، وإعداد أجيال جديدة تترسخ لديها قيم الانتماء والولاء للدولة المصرية والحفاظ على مقدراتها.
وقال المفكرون والأدباء – في أحاديث منفصلة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت في استعراضهم للحصاد الثقافي الذي شهدته مصر خلال 2024 – إن من أبرز وأهم الأحداث التي شهدتها الساحة الثقافية في مصر تدشين مبادرة ” بداية جديدة لبناء الإنسان المصري” التي انطلقت بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي ، والتشغيل التجريبي الجزئي للمتحف المصري الكبير، كأكبر متحف على مستوى العالم وازدهار حركة الفن التشكيلي والاكتشافات الأثرية المتنوعة.
مبادرة بداية لبناء الإنسان
في البداية ، يرى الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن “الحضارة المصرية” أن مبادرة “بداية” تعد من أبرز وأهم الأحداث الثقافية التي شهدتها مصر خلال العام الجاري والتي تستهدف إتاحة طريق للمواطن المصري نحو التنمية الذاتية والثقافية والصحية والتعليمية والرياضية والسلوكية من أجل تقديم مواطن صحيح متعلم، متمكن، قادر، واع، ومثقف للمجتمع.
واعتبر الدكتور ريحان ، خبير الآثار البارز ، أن بداية الإصلاح تكون فقط ببناء إنسان حقيقي ثقافيا وفكريا وعقليا وجسمانيا يكون قادرا على استيعاب وفهم كل مجريات الأمور من حوله وما يحاك ضد بلده ومجابهة تمادي الغزو الفكري لعقول الشباب والأطفال، متفاعلا بشكل إيجابي من خلال رؤية فكرية ثاقبة بنّاءة تصب في صالح الوطن. وشدد على أن بناء الإنسان هو تعزيز للهوية والانتماء لبلد شهدت فجر الحضارة وفجر الضمير باعتراف العالم بأسره بأفضالها على الإنسانية وكانت منبعا لكل القيم الإنسانية.
وفي ضوء تلك المبادرة ، يقول ريحان ، انطلقت وزارة الثقافة في خطة واضحة لبناء الإنسان عبر كل هيئاتها المتمثلة في المجلس الأعلى للثقافة وقصور الثقافة في مؤتمرات وندوات وورش عمل تخاطب كل العقول، كما قدمت وزارة “السياحة والآثار” سلسلة تعريفية على مستوى متاحف مصر للتواصل مع الأطفال والشباب وكبار السن لتعريفهم بمعالم الحضارة المصرية وربط الماضي بالحاضر من أجل مستقبل هذا الوطن.
تجسيد مفهوم الجمهورية الجديدة
من جانبه، اعتبر السفير مدحت المليجي مساعد وزير الخارجية السابق للعلاقات الثقافية أن المبادرة الرئاسية للتنمية البشرية “بداية جديدة لبناء الإنسان” ، التي أعلنتها الدولة المصرية خلال عام 2024، تعد تجسيدا حقيقيا لمفهوم “الجمهورية الجديدة”. وقال السفير مدحت المليجي إن “المبادرة تهدف إلى تجسيد حقوق الإنسان على أرض الواقع فعلا وعملا وسلوكا لا قولا لأنها تستهدف إتاحة طريق للمواطن المصري نحو التنمية الذاتية، والصحية، والتعليمية، والرياضية، والثقافية، والسلوكية.
بدوره ، اعتبر مدير مكتبة القاهرة الكبرى يحيي رياض أن مبادرة بداية جديدة لبناء الانسان المصري ، باعتبارها الحدث الثقافي الأبرز خلال عام ٢٠٢٤ ، ليست موجهة إلى فئة معينة من المجتمع بل تشمل كل فئاته ، المرأة والطفل والشباب وذوي الهمم. ووصف رياض، المبادرة بأنها تمثل نقلة للإنسان المصري وتطويره بشكل شامل ومتكامل تحقيقا لتعهدات الرئيس السيسي الذي ظل وفيا لتعهداته التي جاء بها وهو ما تم فعلا بإطلاق مثل هذه المبادرات التي تستهدف الإنسان.
اهتمام الرئيس السيسي بالهم الثقافي
ولأن عام 2024 كان يعج بالأحداث الثقافية المتنوعة والمتسارعة، فإن الأديب والروائي الكبير يوسف القعيد ثمن الزيارة التي قام بها وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو إلى مبنى مؤسسة الأهرام ، معتبرا إياها الحدث الثقافي الأبرز عام 2024. ووصف “القعيد” ، مؤسسة الأهرام بأنها شاهد على نهضة مصر في العصر الحديث وأنها منارة مهمة للثقافة المصرية والعربية. وأشار إلى أن الزيارة شهدت مناقشات ثرية لأوضاع الثقافة والمثقفين ، كما كشفت عن اهتمام الدولة بقيادة الرئيس السيسي بالثقافة والمثقفين وبالهم الثقافي المصري والعربي باعتبار أن مصر دولة كبرى في المنطقة قائدة ورائدة.
افتتاح المتحف المصري الكبير
بدوره ، يرى الناقد الكبير الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة القاهرة أن افتتاح المتحف المصري الكبير، أبوابه، أمام الجمهور لبدء التشغيل التجريبي يعد الحدث الأبرز في الساحة الثقافية خلال العام الجاري، واصفا هذا الافتتاح بأنه نقطة تحول كبيرة على مستوى العالم لأنه حدث تاريخي وفريد.
في السياق ذاته ، اعتبرت الدكتورة رانيا يحيى مدير الأكاديمية المصرية للفنون بروما أن التشغيل التجريبي للمتحف الكبير حدث ثقافي وحضاري يروج للسياحة المصرية بامتياز ويدعم الاقتصاد المصري ، لافتة إلى أن ما تم هو حدث غاية في الأهمية على كافة الأصعدة . واعتبرت أن هذا الحدث يعبر عن الثقافة والحضارة المصرية وكيف وماذا نستقي من تلك الحضارة التي علمت الإنسانية كلها العلوم والفنون.
الاستخدام الثقافي للذكاء الاصطناعي
من جانبه ، يرى الدكتور حسين محمود مقرر لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة وعميد كلية اللغات والترجمة بجامعة “بدر” أن شيوع الاستخدام الثقافي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل تشات جي بي تي والذي باستطاعته انتاج أعمال أدبية وفنية مشابهة لما ينتجه الإنسان يعد من الأحداث الثقافية المهمة التي شهدها عام 2024.
وقال الدكتور حسين محمود إن هذا الأمر دعا إلى تكثيف الحديث عن عصر ما بعد الإنسانية أو بوستهيومانيزم، وكان هذا موضوع مؤتمر دولي كبير استضافته جامعة بدر بالقاهرة وحضره ميتكوف رسلان المتخصص في ضبط الالتباس اللغوي في النصوص التي ينتجها الذكاء الاصطناعي. ولم يكتف مقرر لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة بشيوع الاستخدام الثقافي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي باعتباره حدثا ثقافيا بارزا بل عرج على رحيل اثنين من كبار رموز الفن والابداع المصري وهما الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة والرسام حلمي التوني.
أما الروائي الكبير سمير الفيل فعدد مجموعة متنوعة من الأحداث المهمة التي شهدتها الساحة الثقافية هذا العام ، ومنها رحيل الكاتبين المسرحيين: محمد أبوالعلا السلاموني، وعبدالغني داود، ورحيل الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة. وعرج على تواصل مشروع المركز القومي للترجمة بما ينقله من اللغات الأصلية ومؤتمر أدباء مصر الذي عقد دورته بمحافظة المنيا ، لافتا إلى إصدار عدد جديد من دورية ” نجيب محفوظ ” برئاسة الناقد الدكتور حسين حمودة وتواصل عطاء الكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد في أعمال روائية حديثة.
وتوقف الروائي سمير الفيل، ابن محافظة دمياط ، أمام مهرجان المسرح الخامس عشر للعروض القصيرة بجامعة الفيوم ومهرجان القاهرة للمسرح التجريبي الدورة 31 والتشغيل التجريبي الجزئي للمتحف المصري الكبير، كأكبر متحف على مستوى العالم وازدهار حركة الفن التشكيلي والاكتشافات الأثرية المتتالية التي تشير إلى وجود ثروة لا تقدر بثمن للفراعنة العظام. وفي إشارة عابرة ، كشف الروائي البارز سمير الفيل عن فوزه ، خلال العام ، بجائزة الملتقى في القصة القصيرة العربية بالكويت في دورتها السادسة ، مشيدا بتدشين المجلة الإلكترونية ” حرف” بما يشير إلى توسع في الدوريات والكتب الإلكترونية بشكل منهجي وتحول عدد من الشعراء للرواية من أبرزهم : أحمد فضل شبلول.
رحيل رموز ثقافية بعد تاريخ حافل
بدورها ، اعتبرت الشاعرة شيرين العدوي عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة أن إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لمسلسل من “ساعته وتاريخه” المأخوذ من موسوعة “هكذا ترافع العظماء” للمستشار بهاء المري رئيس محكمة جنايات المنصورة من أبرز الأحداث التي شهدتها الساحة الثقافية في مصر.
وأشارت إلى رحيل بعض الرموز الثقافية التي أثْرَتْ الحياة الثقافية المصرية وكانوا بمثابة الدينامو الفاعل والمؤثر في الساحة مثل الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة ، لافتة إلى أن هذا العام شهد أيضا سلسلة من الاكتشافات الأثرية التي يتردد حولها الكلام من اكتشاف جثث بهيئتها لحظة موتها والتنبؤ بأنهم ربما أنبياء وأن هذا الكشف سيغير من مجرى التاريخ والأحداث فور إعلانه.
وشهد العام أيضا ، تقول الشاعرة شيرين العدوي ، إصدار الأعمال الشعرية الكاملة لرئيس اتحاد كتاب مصر ا/د علاء عبد الهادي ، وفوز بيتر جيران بجائزة طه حسين باتحاد كتاب مصر وهي خطوة جادة ناحية الإنصاف التاريخي ، وكذلك افتتاح إذاعة الأدب العربي الخاصة باتحاد كتاب مصر.
مهرجان القاهرة السينمائي بطابع فلسطيني
وتختتم الروائية الشابة داليا يسري بالقول إنه ليس ثمة شك في أن للفن رسالة، وللثقافة أيضًا رسالة، ولاسيما في مصر حيث امتلكت هذه البلاد حياة ثقافية وفنية زاخرة بالرسائل الباسلة والمواقف الخالدة. وقالت الروائية داليا يسري، التي صدر لها ست روايات ، :” إذا كنا اليوم بصدد الحديث عن أهم حدث ثقافي في مصر خلال العام 2024، فإنني أرى أنه لابد من الإشارة بأصابع الفخر والامتنان إلى مهرجان القاهرة السينمائي، والذي اتخذت النسخة الخامسة والأربعون منه طابعا خاصا بمجرد إعلانها عن دعم القضية الفلسطينية ولبنان، وذلك في ظل الحرب الهمجية التي يشنها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان”.
وقالت يسري إن المهرجان استهل برنامجه بعرض فلسطيني تضامنًا مع القضية. كما شوهد الفنانون وهم يتوشحون الكوفية الفلسطينية، وأدت الفرق الراقصة عروض الدبكة على أنغام أغنية “أنا دمي فلسطيني”. وفي نهاية العرض ظهر رئيس المهرجان، الفنان حسين فهمي، يتوسط فرقة فلسطينية ويعرب عن تضامنه وتضامن المهرجان مع سكان غزة.